مسجد بيت الفتوح في بريطانيا الأكبر في أوروبا
|
ثار الكثير من الجدل مؤخرا بين مختلف الجماعات الاسلامية في بريطانيا حول الكتيب الذي أصدره المجلس الاسلامي البريطاني تحت إسم "إعرف حقوقك وواجباتك"، فقد انقسمت الآراء بشأنه بين مؤيد ومعارض.
وتشير الاحصائيات إلى أن عدد المسلمين في بريطانيا يصل إلى نحو 1,6 مليون نسمة يتركزون في العاصمة لندن ومانشستر وجلاسكو و43 بالمئة منهم في لندن. وأغلب المسلمين من شبه القارة الهندية يليها الشرق الأوسط وشمال افريقيا ثم بلدان أخرى مثل ماليزيا ونيجيريا.
ويذكر الكتيب المسلمين بالتزامهم المساعدة في حماية أمن بريطانيا باعتبار ذلك واجبا دينيا، ويتضمن نصائح حول التصرف الواجب في حالة التعرض للتوقيف من قبل الشرطة أو تفتيش المنزل أو التعرض للفحص في المطار، وكيف يمكن تقديم شكوى ضد وسيلة إعلامية اتخذت موقفا عدائيا يشوبه التمييز أو العنصرية.
ويدعو الكتيب المسلمين إلى المشاركة بفعالية في المجتمع المدني والعمل على حماية حقوقهم. وقد تم نشر أرقام هواتف شرطة مكافحة الارهاب في ذلك الكتيب الذي طالب المسلمين بالمبادرة بالابلاغ عن كل ما يثير الريبة فيما يتعلق بالارهاب.
كما يتضمن أيضا تعريفا بحقوق التوظيف وكيف يمكن مواجهة التمييز في العمل، ويحوي نصائح للمساعدة في زيادة المكاسب التعليمية لأطفال المسلمين كما يحث أفراد الجالية على الانخراط في الأحزاب السياسية.
وسيصدر هذا الكتيب في وقت لاحق باللغات العربية والأوردية والبنغالية والتركية والكوجاراتية.
وقد تم بالفعل توزيع 500 ألف نسخة من الكتيب على المسلمين في أنحاء بريطانيا.
ويقول عناية الله بونجلاوالا مدير المكتب الصحفي بالمجلس الاسلامي البريطاني "جاءت فكرة هذا الكتيب بعد تفجيرات مدريد وقد لقي ترحيبا واسع النطاق بين أبناء الجالية المسلمة في بريطانيا".
وأضاف قائلا "إن هذا الكتيب سيساعد المسلمين على المشاركة الكاملة في مجتمعهم البريطاني".
وأشار إلى أن الرافضين له قلة من المتطرفين مثل جماعة المهاجرين وحزب التحرير والمنظمة الاسلامية لحقوق الانسان.
الرفض وعلى الجانب الآخر أكد مسعود شجرة رئيس اللجنة الاسلامية لحقوق الانسان في بريطانيا إن هذا الكتيب سيكرس للنمط الذهني السلبي المأخوذ عن المسلمين في الغرب.
وقال شجرة "لقد كان من الضروري إن يعرف المسلمون حقوقهم وما يحدث بعد هجمات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة وقد تم بالفعل نشر العديد من الكتيبات حول هذا الموضوع".
وأكد أن مسؤولية الاتصال بالأمن حول ما يثير الشبهات ليست على عاتق المسلمين وحدهم بل كل فئات المجتمع، وتطوير المجتمع والاندماج فيه ليس بابلاغ الشرطة فقط فمثل هذا الكتيب يمثل إهانة للمسلمين حيث يعني إما أنهم لا يفهمون أو يعلمون ولا يبلغون الشرطة عما يثير الشبهات.
وأشار إلى تمويل وزارة الداخلية البريطانية لهذا الكتيب قائلا إن وزير الداخلية ديفيد بلانكيت كان أول من رحب بصدوره.
وأردف مؤكدا أن العديد من المسلمين يعارضونه ومن بينهم عناصر داخل المجلس الاسلامي البريطاني ذاته.
بريطانيا والاسلام وإذا كان هذا الكتيب وما أثاره من جدل هو الحلقة الأخيرة في العلاقة بين الاسلام وبريطانيا فان جذور هذه العلاقة بعيدة وتبدأ حلقتها الأولى في القرن الثامن الميلادي.
فقد أشار العلامة المسلم محمد بن موسى الخوارزمي في كتابه صورة الأرض عام 817 ميلادية إلى بعض الأماكن في بريطانيا.
وفي عهد الملك الأنجلو ساكسوني لوقا الذي تولى الحكم بين 757 و796 ميلادية تم ضرب عملة ذهبية إنجليزية حملت على أحد وجهيها عبارات عربية وقد كانت نسخة من الدينار الاسلامي المضروب في عهد الخليفة العباسي المنصور.
وفي القرن التاسع تم العثور في ايرلندا على صليب مكتوب عليه بالخط الكوفي باسم الله.
وأول إنجليزي درس العربية هو أدلراد من باث وهو معلم هنري الثاني وكان قد سافر إلى سورية واسبانيا المسلمة وترجم العديد من النصوص العربية.
كما عرف الدارسون الانجليز في القرن الرابع عشر الرازي وبن سينا وبن رشد.
وأول كتاب تمت طباعته في بريطانيا عام 1477 كان نسخة مترجمة من كتاب "مختار الحكم ومحاسن الكلم".
وخلال القرنين السادس والسابع هيمن الأسطول الاسلامي على البحر المتوسط وكانت اسطنبول عاصمة للدولة العثمانية وقد استنجدت الملكة اليزابيث عام 1580 بالسلطان مراد العثماني لانقاذها من الأسطول الأسباني.
وتتحدث مصادر بريطانية عن الانجليزي جون ويلسون بوصفه أول إنجليزي يعتنق الاسلام عام 1583.
وبدأ تعليم العربية في أوكسفورد عام 1663 وتضم مكتبة بولدوين رسالة من السلطان المغربي الوليد إلى الملك تشارلز.
وفي عام 1641 وخلال الحرب الأهلية في بريطانيا ظهرت كتابات تشير إلى اكتشاف جماعة من المسلمين في لندن.
وقد شهدت فترة حكم كرومويل تسامحا مع الطوائف الدينية المختلفة ومن بينهم المسلمين. وقد أظهر كرومويل معرفة بالقرآن في رسالة إلى حاكم الجزائر عام 1656.
وفي القرن السابع شهدت بريطانيا تدريس نصوص بالعربية في الرياضيات والفضاء والكيمياء والطب.
وفي عام 1676 ظهر في لندن مقهى يقدم القهوة التركية عمل به انجليزيان وتركي.
| أشار العلامة المسلم محمد بن موسى الخوارزمي في كتابه صورة الأرض عام 817 ميلادية إلى بعض الأماكن في بريطانيا أول كتاب تمت طباعته في بريطانيا عام 1477 كان نسخة مترجمة من كتاب "مختار الحكم ومحاسن الكلم" في عام 1860 تم تأسيس أول مسجد في كارديف
|
وفي عام 1897 كانت الامبراطورية البريطانية تضم العديد من الأقطار التي يعيش بها عدد كبير من المسلمين مثل مصر ونيجيريا والهند وماليزيا وقد ساهمت هذه ابلاد بمواردها والأيدي العاملة بها في ازدهار انجلترا في العصرين الفيكتوري والادواردي.
وفي البداية جاء المسلمون إلى بريطانيا كبحارة وجنود وطلبة وتركزوا في الموانئ الكبيرة في انجلترا واسكتلندا.
وعمل في خدمة الملكة فيكتوريا اثنان من السكرتارية المسلمين من الهند وهما محمد بكشي وعبد الكريم.
وفي عام 1860 تم تأسيس أول مسجد في كارديف. وتوالى بعد ذلك إقامة المساجد وتكوين الجمعيات المسلمة.
وتأسس صندوق عام 1910 لجمع التمويل اللازم لاقامة مسجد في نوتينج هيل جيت في لندن وقد أقيمت فيه صلاة الجمعة عام 1914.
وفي عام 1913 تم اصدار أول صحيفة لمسلمين تحت إسم "مسلمي الهند".
وفي عام 1941 تم افتتاح المركز الثقافي الاسلامي في لندن. وبعد الحرب العالمية الثانية تزايدت الأيدي العاملة المسلمة في بريطانيا التي كانت في أشد الحاجة إلى العمالة بعد الحرب.
وشهدت السبعينيات إنشاء معهد البحوث الاسلامية وفعاليات مهرجان العالم الاسلامي.
وقد جاءت أحداث قضية سلمان رشدي في أواخر الثمانينيات ثم حرب البوسنة وأحداث سبتمبر عام 2001 والمظاهرات المناوئة للحرب لتسفر عن ظهور جمعيات إسلامية ذات طابع سياسي في بريطانيا وهي التي تختلف اليوم فيما بينها حول كتيب حقوق وواجبات المسلمين.