أغلب المسلمين في المانيا من أصول تركية
|
لالي تبلغ من العمر 32عاما وترتدي غطاء للرأس بلون وردي.
لقد درست القانون، ولكن تعين عليها القبول بوظيفة في مركز اتصال - حيث يمكن الاستفادة بصوتها دون أن يتبين مظهرها.
وتريد لالي العمل بوظيفة أفضل، ولكن الكثير من أرباب العمل لا يريدون توظيفها.
وتقول "الأمر صعب للغاية، إنك لا تشعر أبدا بأنك جزء من المجتمع، بل تشعر بالاغتراب".
ولالي واحدة من بين 3.3 مليون مسلم يعيشون في ألمانيا - أي نحو 4% من تعداد سكان البلاد.
وهي، مثل غالبيتهم، من أصول تركية.
وبالنظر إلى الإعلام الألماني، يتضح أن القضايا التي تثار فيما يتعلق بالمسلمين لا تختلف عما تثار في غير ألمانيا من بقية أنحاء أوروبا.
وتتمثل تلك القضايا على سبيل المثال فيما يعرف بـ"جرائم الشرف"، والتعليم، والبطالة، والحجاب، والمخاوف الأمنية.
الهوية الألمانية ولكن لألمانيا خصائصها التي تميزها عن بقية جيرانها الأوروبيين.
ثارت مناقشات كثيرة في المانيا حول الحجاب
|
فمن بين تلك الخصائص ما يعرف بـ"الهوية الألمانية" والتي تستند كثيرا على الأصول والعرق.
ويعني هذا أنه خلال الشطر الأكبر من الأربعين عاما الماضية، وجد المهاجرون من تركيا من الصعوبة عليهم الحصول على الجنسية الألمانية.
ومن السمات الألمانية الأخرى ما يعرف بهيئة حماية الدستور، وبالألمانية Verfassungsschutz.
ويمكن مقارنة تلك الهيئة، والمقارنة غير متماثلة تماما، بمكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي أو جهاز إم آي5 البريطاني.
وتضطلع هيئة حماية الدستور برصد أنشطة المتطرفين، بما فيهم الجماعات الإسلامية.
وتشرح كلاوديا شميد، التي تدير فرع الهيئة في برلين، لماذا يعتبر كذلك الإسلاميون الذين لا ينتهجون العنف مبعث تهديد.
وتقول شميد "بإمكان هذه الجماعات أن تزاول أنشطتها وتروج لأفكارها، ولكن لا ينبغي عليها أن تتوقع أن تتلقى أموالا من الدولة إذا كانت تسعى لتدمير اللبنات الأساسية والأصلية لدستورنا".
وتراقب هيئة حماية الدستور الألماني - التابعة لوزارة الداخلية الألمانية - عن كثب الجماعات الإسلامية مثل الإخوان المسلمين ونظيرتها التركية المعروفة باسم ملي غوروس.
والانتماء إلى تلك الجماعات أو الاتصال بها قد يعرض الشخص لعدم الحصول على الجنسية الألمانية وعدم الحصول على الدعم الحكومي - كما وجدت لالي بنفسها، ودفعت الثمن.
فلالي تعمل في أوقات فراغها كمتطوعة مع مجموعة شبابية إسلامية.
| بإمكان هذه الجماعات أن تزاول أنشطتها وتروج لأفكارها، ولكن لا ينبغي عليها أن تتوقع تلقي أموال من الدولة إذا كانت تسعى لتدمير اللبنات الأصلية لدستورنا
|
ولأن تلك المجموعة تعمل مع جماعات عربية وتركية للإسلاميين، فقد تم حرمانها من التمويل الحكومي.
وتقول لالي "نحن نقوم بعمل جيد، ولكن المشكلة هي أن هناك تشككا دائما من جانب السياسيين. إنهم يقولون نحن نحب مشروعاتكم، ولكن هل بالإمكان حقا أن نثق بكم؟"
"اختبار المسلمين" والثقة، أو انعدامها، هي لب القضية فعلا.
خذ على سبيل المثال الطريقة التي تجري بها بعض الولايات الألمانية اختبارات التجنس.
فقد تم استحداث اختبار في ولاية بادن-فورتنبورغ بات يطلق عليه "اختبار المسلمين".
| نحن نحب مشروعاتكم، ولكن هل بالإمكان حقا أن نثق بكم؟
|
ويقول الصحفي إركان أريكان - وهو نفسه ألماني من أصول تركية من الجيل الثاني - إن أحد الأسئلة الحساسة تتعلق بحقوق المثليين.
يقول أحد الأسئلة "اكتشفت أن ابنك مثلي، ويأتي إليك ذات يوم ويقول: يا بابا، أود الزواج برجل ألماني مثلي. كيف سيكون رد فعلك؟".
ويقول الصحفي أريكان "هل تتوقعون مني أن أضرب ابني، أو أقوم بما يطلق عليه "جريمة شرف"؟ هذا أمر سخيف حقا".
ومن الأسئلة الأخرى التي يشملها الاختبار:
- كيف تنظر إلى الرأي القائل إن على المرأة طاعة زوجها، ويمكنه ضربها إذا لم تفعل ذلك؟
- لو علمت أن أشخاصا في الحي الذي تقطن فيه أو من أصدقائك أو معارفك نفذوا أو يخططون لتنفيذ عملية إرهابية، ماذا تفعل؟
- بعض الناس يحملون اليهود مسؤولية كل شرور العالم، ويدعون حتى أنهم كانوا وراء أحداث الحادي عشر من أيلول سبتمبر عام 2001 في نيويورك. ما هي نظرتك إلى هذا الرأي؟
الحوار ولكن ثمة تغيير في الأجواء، ولكن ليس قريبا بما يكفي بالنسبة للشباب الألماني المسلم مثل إركان أو لالي.
ففي سبتمبر/ أيلول من العام الماضي، نظمت الحكومة مؤتمرا ألمانيا عن الإسلام.
| الأمر يحتاج لجيل جديد ليحدث التغيير. ربما يحتاج الأمر عشرين عاما
|
واستضاف الحدث البارز في برلين وزير الداخلية فولفجانج شويبله وجمع مسؤولين حكوميين بممثلين من منظمات إسلامية.
ولكن الأمين العام لمجلس مسلمي ألمانيا، أيمن مزاييك، انتقد السلطات الألمانية لدعوتها أفرادا إلى المؤتمر بدلا من المنظمات الدينية الإسلامية الأربع الرئيسية في ألمانيا.
وكانت ريم شبيلهاوس، وهي أكاديمية ألمانية شابة مسلمة، وابنة لوالد مصري وأم ألمانية، بين المشاركين في مجموعات عمل انبثقت عن المؤتمر.
وتقول ريم "أعتقد أن المؤتمر هام جدا لألمانيا ولقبول ألمانيا للمسلمين كجزء من مواطني ألمانيا".
وقالت "لقد افتتح وزير الداخلية المؤتمر بتصريحه بأن المسلمين جزء من ألمانيا - وأعتقد أن هذه كانت بادرة هامة جدا جدا لم تحدث منذ 40 عاما".
وفي وقت سابق لعقد المؤتمر، قال شويبله لصحيفة زودويتشه تسايتونج الألمانية إنه يتعين على المسلمين في ألمانيا القبول بالأعراف والقيم الأوروبية.
ووعد بأن يتناول مؤتمر برلين مسائل حقيقية بدلا من مجرد "تبادل المجاملات".
لالي تريد أن تعتقد أن هذا المؤتمر خطوة في الطريق السليم، ولكنها لا تتوقع نتائج سريعة.
وتضيف "الأمر يحتاج لجيل جديد ليحدث التغيير. ربما يحتاج الأمر عشرين عاما